اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 بسم الله الرحمن الرحيم

(سورة الأنعام، الآية 114)

           ------------------------------------------

كنا قد درسنا في المقال السابق واجب المسلمين لطاعة الله ورسوله والأمور المتعلقة مع ذلك. وفي هذه المقال سندرس طبيعة المسؤولية التي أُنيطت بالأنبياء والرسل لتبليغ الرسالة التي أُعطيت إليهم.

تصف بعض من آيات سورة الأعراف هذا الموضوع بشكل كافٍ حيث أُقتسبت هذه الآيات ووضّحت في أدناه. وسوف ندرس الأحداث التي تتعلّق بكل من الرسل نوح وهُود وصالح وشعيب عليهم السلام اجمعين.

إن كلّ من رسل الله المذكورين في أعلاه يطلب من قومه الذي أُرسِلَ اليهم أن يعبدوا الله الذي لا إله غيره في الآيات 59 و65 و73 و85 من سورة الأعراف . هو واحد من واجباتهم الرئيسية – دعوة إلى الله. وإنّ موضوع كونهم رسل الله  يظهر أيضا في إسلوب مختلف في الآيات  61, 67, 75 و87  وقد جُزِم هذا الأمر من قبلهم أو من قبل المؤمنين.

 

وكلّ من الرسل أعلاه يصف دوره كدورين:

1. هو مبلغ رسالة الله

2. هو الناصح.

ويقول نوح (عليه السلام) في الآية 62

ويقول هوُد (عليه السلام) في الآية 68

وتقول الآية 79 عن صالح (عليه السلام)

وعن شعيب (عليه السلام) تقول الآية 93

إنّ الكلمات الإضافية في كلّ من الآيات أعلاه بجانب دورهم كمبلغين لرسالة الله وناصحين هي:

1.   يقول نوح (عليه السلام): " وأعلم من الله ما لا تعلمون "

2.   هُود (عليه السلام). كلمة " أمِـين ٌ" أُضيفت لتصف الـ " ناصِحٌ ".

3.   يقول صالح (عليه السلام): " ولكن لا تحبون النّاصحين ".

4.   يقول شُعيب (عليه السلام): " فكيف أَسَى على قومٍ كافرين "

من وصف الدورين التي ينسبها الرسل إلى أنفسهم ، فإنه من الواضح بأنه كان لديهم شيئان يؤدونهما:

1.لتبليغ كتاب الله

2. لنصح اقوامهم

وأحد الرسل وهو هُود (عليه السلام) يصف نفسه بالناصح الذي هو أمين، بمعنى الناصح الأمين.

 

عندما نبحث عن السياقات التي أتت فيها كلمة "أمين" في الآيات القرآنية المتعلّقة بهذه الدراسة، نجد نفس الشيء  مستخدم في السياقات التالية.

في سورة الشعراء يقول كلّ من الرسل المذكورة أعلاه الذي ذِكْرهم نجده في سورة الأعراف وهم نوح ، هُود ، صالح ، لوط ، شعيب (عليهم السلام) كلهم يقولون لأقوامهم :

(الآيات 107 ،125 ، 143 ،162 ،178 من سورة الشعراء)

وفي الآية 18 من سورة الدخان يكرر موسى (عليه السلام) الكلمات ذاتها :

وفي الآية 193 من سورة الشعراء أُخبِرَ نبينا محمد (ص):

ان كتاب الله الذي هو نزل به الروح الأمين نُزِلّ على الرسول الأمين الذي هو الناصح الأمين.

لهذا فإن النصيحة (الحديث) التي تأتي من الرسول الأمين تكون استنادا على الثقة التي وضعها الله فيه وهوكلامه - القرآن – وتكون تفسيره وليس على نقيضه.

ونجد هذا الشىء ممثلا في حالة النبي شعيب (عليه السلام) في سورة الأعراف وكما موضح ادناه:

 

 

في الآية الأول اعلاه يقول شعيب (عليه السلام): " قد جاءتكم بيّنة من ربكم " (بالإشارة إلى كلام الله الذي بلغه اليهم) وثم يقول: " فَـ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . "، افعل هذا ولاتفعل ذلك كما أُمِرَ  في كلام الله.

وكلمات الآيات الثلاثة ابتدءا من كلمة " قَالَ " على الرغم من انها أُقتُبست من كلام الله إلا انها تشكل الحديث (الإسم نعطي لكلام الأنبياء) الذي يعود الى شعيب (عليه السلام) لأن ذلك الذي قاله النبي  يعود الى رسالة الله التي بلّغها.  لذلك  يقول: " قد جاءتكم بيّنة من ربكم فَـ ......................"

وفي الآيات الخمس القادمة (من الآية 88 إلى 92)، يروي الله الخلاف بين النبي وقومه والعقاب الذي سيحل بقومه.

وفي الآية 93 يقول شعيب (عليه السلام) : 

 

تأكيدا على ما قاله في الآية 85 السابقة

1.   في الآية 85  يقول: " قد جاءتكم بيّنة من ربكم "

ويؤكّد في

   الآية 93 : "يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي "

2.   في الآية 85 يقول: " فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم " والى آخر الآية والتي يؤكدها في

   الآية 93 : " وَنصَحتُ لَكُم "

وكما نرى ان النصيحة الطويلة (الآية 85 إلى 87) هي لا شيء سوى أوامر مماثلة نجدها في مكان آخر في القرآن والتي يكررها شعيب (عليه السلام) بكلماته الخاصة مشيرا الى رسالة الله التي حملها اليهم  وهو يطلب منهم قائلا " فـ " (فاوفوا)  يطلب منهم إطاعة كلام الله.

وكما نرى فإن النصيحة (حديث شعيب (عليه السلام)) لم تُختَلق من أمور تناقض أو تخرق آيات القرآن، والتي غالبا ما نصادفها في الأحاديث التي نُسِبَت إلى نبينا محمد (عليه السلام).

              ----------------------------------

رأينا في الصفحات السابقة كيف أن العديد من آيات القرآن إستهدفت للسخرية والتناقض، ومن ثم  نقلت إلينا مثل هذه الأمور كشّيء يجب أن يعمل به لأن النبي قد علّم هذا الشيء، لأن هذا الصحابي او ذاك قال ذلك ، لأن هذا التابع او ذاك نقل ذلك أو لأن هذا الإمام أو ذاك يحمل هذه الرؤية والى آخره من هذه المُسمّيات .

القرآن كامل ومثالي ولا شيء حُذِف من الكتاب ( الآية 38 من سورة الأنعام). فقد دعاه الله تعالى إمامًا ورحمةً .

(سورة هُود ، الآية 17)

والآية 12 من سورة الأحقاف تدعو الكتاب الذي أُعطيّ الينا اي القرآن تدعوه أيضا إمامًا ورحمةً كما كان كتاب موسى إمامًا ورحمةً قبل هذا.

ليغفر الله  لنا، لأننا لم نكن راغبين في الأخذ بكلمة هذا الإمام العظيم " القرآن العظيم " دون إستشارة الكتب المنسوبة إلى الأشخاص الذين أتخذناهم أئمّةٌ لنا. وحتى إن كانت القواعد التي يعطيها هؤلاء الأئمّة مناقضة الى ما يقرّ به القرآن، فأننا لانزال نأخذ بكلمات أئمّتنا التي يفرضها الحاقدون علينا كحقيقة نفضلها على الإمام الذي أشار إليه الله.

 

من دراسة ما وجهنا به القرآن لنعمله في الصلاة ، نتعرف على ان أئمّتنا البشر فقط يفرضون مخالفات متنوعة ورفض وسخرية من كلام الله وإختلفوا فيما بينهم في تلك المسائل بدرجات متفاوتة لخلق الأنقسامات في الأمة الأسلامية.  فإذا لم يكن هؤلاء الناس مسؤولين عن الذي نُسِب إليهم، إذن  فإنّ بعض من الناس من الأجيال اللاحقة من الموكد أسأت إستعمال أسمائهم لخلق وفرض الإختلافات ضمن الأمة ولجعلها تكسب غضب الله.

فعلى الرغم من الإختلافات في الطرائق التي أظهرها الأئمّة، فقد قيل لنا لا بأس في أن تتّبعوا  أيّ من الأئمّة (وستبقون على الهدى) وإن الإختلاف بين الأئمّة رحمة مع انناّ قرأنا في القرآن بأن القرآن إماما ورحمة. (وبمعنى آخر، انهم يخبروننا ليس مهما أن نتبع اي إمام ولا بأس في هذا الأمر مادمتم ستبقون منقسمين وعلى الخطأ.)

ومثال على ذلك من بين أهل الكتاب قولهم :

(سورة البقرة، الآية 135)

والشيء المرادف الذي أُدخِلَ إلى ديننا هو ان تكون حنفي ، حنبلي ، مالكي ، شافعي، وما الى ذلك من هذه المسميات وستبقى على الهدى.

ونحن يجب علينا أن نرّد عليهم ونقول:  كلا. إنّنا نتّبع الدين الذي اُنزِلَ على النبي محمد وأسلافه ونفضّل ان نكون مسلمين وليس كفارا او مشركين.

 

لقد أبقانا أعدائنا منقسمين بشدّة على أساس  المذاهب وما شاكلها لوقت طويل الآن. ونتيجة لذلك فعندما يضع العدو شعب من شعوبنا في وضع مأساوي أو عندما تحل مصيبة بأحد هذه الشعوب، فإن جزء كبير من الأمة الأسلامية يبقىغير متأثّر بورطتهم، لا بل يقولون : لابأس أنهم من اهل السنة أو انهم شيعة أو انهم كذا وكذا من الضالين وهذا هو عقاب الله لهم لإنحرافهم عن الدين. وبهذه الطريقة يعتقد كلّ منا في الآخر وبالتالي فإننا لانساعد بعضنا البعض في الأوقات العصيبة. 

لذا لانضيّع هذه الفرصة التي منحها الله لنا للتوحد لنكون أمة واحدة .

إخوتي، لقد ابتعدنا كثيرا عن القرآن الأمر الذي جعلنا ننقسم بشدة.

يقول الله تعالى:

(سورة الأنعام ، الآية 153)

إنّ خطة أعدائنا في إبقائنا على إنقسام دائم هي كالتّالي:

نتخيّل بوجود  ثلاث مجموعات:مجموعة أ و مجموعة ب ومجموعة ج ، وبما انهم جميعا مسلمون فإن العديد من الإعتقادات والأعمال الصحيحة شائعة بينهم ، إلا انه هناك بضعة أشياء تمثّل الخصائص المميّزة لهذه المجموعات تتتعلق بكلا الأمرين المعروف والمنكر (الممارسات التي لم توصف في القرآن). فالمجموعة ' أ ' لديها بعض من أعمال المعروف أو مزعومة بالمعروف كواحدة من خصائصها المميّزة، وتلك الأعمال ليست موجودة أو مؤكّد عليها في المجموعتين الأخريتين. فبسبب أعمال المعروف المؤكدة تلك فإنّ أفراد المجموعة ' أ ' يشعرون بالأبتهاج في الوقت الذي كانت قد مُرِّرت بعض من أعمال المنكر عليهم كأعمال معروف. فممارسات المجموعة " أ " تجدها المجموعتين الأخريتين مرفوضة.

وعلى هذه الشاكلة فأن المجموعات كلّها لديها أعمال معروف مميّزة تجعل أفرادها يشعرون بالأبتهاج ،وهذا هو السبب وراء ولائهم لمجاميعهم واعمال المنكر الخاصة بهم، وهذه الأعمال تجدها المجموعات الأخرى واجبة الشجب ولهذا يجادلونهم.

 

ويقول الله سبحانه تعالى في سورة المؤمن

وفي سورة الروم يأمرنا الله تعالى أن نتجه اليه ونخافه ونقيم الصلاة  وأن لا نكون من أولئك الذين يجعلون شركاء مع الله ولا نكون من أولئك الذين قسّموا دينهم وأصبحوا طوائف وكلّ حزب يبتهج بما لديه!

وفي سورة الأنعام يقول الله عن الذين قسّموا دينهم وأصبحوا طوائف:  

ذُكِرَ في الاية الأخيرة أعلاه " وَبِذلِكَ أُمِرتُ وأنَا أوَّل المُسلِمِينَ "

وهناك وصف بسيط للمسلمين في القرآن في الآية 68 و69 من سورة الزخرف:

ويجب علينا أن نخاف الله وان نحذر من عصيان أياته حيث يقول الله تعالى 

(سورة الأعراف ،الآية 40)

.

(سورة الأعراف ،الآية 41)

(سورة الأعراف ،الآية 42)

إخوتي الأعزاء،

بعدما جلب اعداء الأسلام البؤس والشقاء إلى المسلمين في كل أرجاء العالم، فأنهم تخطوا أيضا الى وسط الأسلام. واليوم وبالإحتيال المطبق والخداع يريدون إبادة أمة أخرى من إخوّتنا.

فلو كان الله تعالى واقف الى جانبنا، لكنّا قد تغلبنا على مثل هذه الصعوبات بفضله. فبسبب هذه الحقيقة إنّنا خارج عطفه ، تملي علينا أمم المشركين الأوامر  قف ، إجلس ، اركض  ونحن نبدي لهم الأمر والطاعة. هكذا هو حالنا  بحيث رغم التفوق العددي الا إننا عاجزين عن مواجهة أصغر جيش من جيوش الأعداء الحاليين.

لمـاذا ؟

في الآية 64 من سورة الأنفال يقول الله تعالى:

ومن ناحية أخرى وكما في الآية أعلاه  فإن:

1.   نطيع الله ورسوله

2.   لا ننزلق في النزاعات أو نحلّ نزاعاتنا التي نحن فيها

3.   نبقى صامدين

 حينها بإذن الله نرى بأنّه حتى بجيش قليل العدد والعدة نستطيع أن نقهر أكبر الجيوش.

(سورة البقرة ،الآية 249)

نتعرّف من الآية أعلاه بأنه كم من فئات صغيرة استطاعت التغلب على فئات كبيرة بإذن الله وان الله مع الناس الصامدين.

إخوتي! لا نضيع الوقت لإصلاح  صلاتنا لتتوافق مع كلام الله. ودعواتنا تستجاب فقط عندما تكون صلاواتنا صحيحة. وكيف نتوقع من الله ان يكون راضٍ عنا ويساعدنا بعدما  إرتكابنا الرفض وسخرنا من كلام الله. أن إصلاح شؤوننا هي من اولى الأولويات. وأنا مرة أخرى أناشدك لترك التسميات ضيقة الأفق لأن هذه الإنقسامات والإختلافات ستستمر في الحط من قدرنا وإضعافنا. آمِنْ بآيات الله  وإدعو نفسك " إنني من المسلمين". إتّخذ خطوات آنية لإصلاح الصلاة. تمسك بكتاب الله وتذكر ماذا فيه.

فهرست

الصفحة التاليه