اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 بسم الله الرحمن الرحيم

من دراسة الصفحات السابقة، لا بد وأنك لاحظت بأنّ هناك تناقض بين ما يُنسب إلى النبي (عليه السلام) وما هو موجود في كلام الله القرآن الكريم.

ولكي تكون قادرا على تقرير ماتفعله بشكل صحيح عندما تجد الأوامر المنقولة عن النبي تتضارب مع أوامر الله، أجده من الضروري ان أبين لكم بعض آيات القرآن التي تتعامل مع طاعة الله ورسوله

(سورة آل عمران، الآية 32)

نتعرّف من الآية أعلاه بأنّ أولئك الذين يبتعدون عن طاعة الله ورسوله هم من الكافرين.

وفي نفس السورة الآية 132

من الآية أعلاه نتعلّم بأنّ طاعة الله ورسوله عمل يجلب الرحمة.

 

وتقول الآية 33 من صورة مُحَمّد :

يخبرنا الله في الآية أعلاه ان الذي لا يطيع الله ورسوله سيضيع اعماله.

 

ويقول الله في الآية 52 من سورة النور :

تفيد الآية أعلاه ان الذي يطيع الله ورسوله ويخاف الله ويتفادى غضبه سيكون حقا من الفائزين.

 

وخلاصة الآيات أعلاه تفيد بأن اطاعة الله ورسوله هو عمل يؤدي الى:

‌أ.       الرحمة.

‌ب. طريق للفوز

وعدم اطاعة الله ورسوله هو عمل يؤدي الى:

‌أ.       جعلنا مثل الكافرين.

‌ب. إضاعة الأعمال الحسنة  (الحسنات)

 

إن استخدام واو العطف  في التوجيه لإطاعة الله ورسوله  يؤكّد الحقيقة بأنّ الله ورسوله كلاهما واجب الطاعة. وهذا الأمر يكون ممكنا فقط عندما تكون أوامر الرسول لا تناقض مع اوامرالله ، بل تنسجم معها.

وبمعنى أخر، فقط لأن أوامر الله ورسوله منسجمة ولا يناقض بعضها البعض، طُلِبَ منّا إطاعة الله ورسوله.

لذا، فإننا أُخبِرنا  بأنّ الشخص الذي يطيع الرسول فقد أطاع الله في الآية التالية :

(سورة النساء ، الآية 80)

 

إن شخصية الأنبياء والرسل الى درجة بحيث العصيان وإختراع الأقاويل والقول بما لم يلهمهم الله ليس من طبيعتهم وهم مدركون تماما لما سيحدث لو إفتروا على الله الكذب أو عصوا الله.

إقرأ الآيات التالية رجاءً.

(سورة آل عمران، الآية 161)

وتقول الآيات الاربع 44 الى 47 من سورة الحاقّة

على ضوء الآيات أعلاه، ليس هناك من مجال للرسول للإفتراء على الله الكذب لان حياته ستتوقف ولا أحد يستطيع أن ينقذه من الله.

 

والآية التالية من سورة القلم تُصوّر شخصية الرسول بأنها من معيار سامي.

(سورة القلم، الآية 4)

وفي الآية التالية يقول الله العالم انه يعرف بمن يأتمن رسالته

(سورة الأنعام،الآية 124)

حقا كانوا محظوظين أولئك الذين عاشوا في أيام النبي حيث استطاعوا أن يسمعوا مباشرة منه وأطاعوا اوامره دون ادنى حاجة للتدقيق أو التحقق من توجيهاته.  

(سورة الأنفال، الآية 20)

لبقيت الأموربسيطة وغير معقدة للمؤمنين، إذ لم تكن هناك مجموعة قضت ليال طوال تخطّط ضدّ ما قاله النبي.

(سورة النساء ، الآية 4)

قالوا "طاعة" أمام النبي لكن عندما غادروا قضّوا الليالي يخطّطون عكس ما قاله.

 

وتستمرّ الآية القادمة لتلفت إنتباهنا إلى الحقيقة بأنّ كلام الله - القرآن - خالي من التناقضات.

(سورة النساء ، الآية 82)

فعلى النقيض من ذلك بدأ المنافقون بالتخطيط ليلا ضدّ ما قاله النبي أثناء النهار.

 

في الآية 92 من سورة المائدة  بعدما أُمِرنا نحن المؤمنين على طاعة الله ورسوله، فنحن ايضا حُذِّرنا: وَاحذَرُوا

وأما فيما يخص كلام الله، فيمكننا التأكد بإنّهم لا يستطيعوا أن يعبثوا به أو يحرفوه  لأن الله سبحانه تعالى ضمن حمايته:

(سورة الحجر، الآية 9 )

(سورة يونس ، الآية 64)

لكن لا يمكن أن يقال نفس الشيء عن كلمات الرسول. وسنعرف من القرآن بأنه في الأوقات ذاتها التي عاش فيها النبي, كانت مجموعة تقضي لياليها على امور غير التي قالها الرسول في الوقت الذي قالوا: "الطاعة" في حضوره.

 فمن هنا فأن أولئك الذين كانوا مصمّمون على إفساد كلمات الرسول وجدوا حرية أوسع بعد وفاته لينسبوا اليه كلمات غير التي قالها بعدما مرّت سنوات وعقود.

 

وإلى أولئك الذين لم يستطيعوا أو لم يسمعوا الرسول مباشرة، فالله أعطى قاعدة نستطيع من خلالها أن نحكم على الكلمات التي  نُسِبت إلى الرسول.

يقول الله سبحانه تعالى

(سورة النساء، الآية 64)

أن إذن الله المشار اليه في الآية أعلاه هو كلام الله  "القرآن" ، وهذا ما سنتعرف عليه من خلال دراسة سورة القدر التي بيّن الله فيها بشكل جميل جدا كل كلمة للآية الأولى في بقية الآيات لنفس السورة. 

قال الله:

(سورة فصّلت، الآية 3)

نبدأ بدراسة سورة القدر حيث تقول الآية الاولى: 

 

والآية الثانية تصرّح:

ثم ما يأتي في بقية آيات السورة هو توضيح لكل كلمة للآية الأولى. 

والآية الثالثة تبين "القدر" أن ليلة خير من ألف شهر.

والآية الرابعة تبين أمران:

1.   مَنْ أنزله (توضيح للضمير "نا" في كلمة "إِنَّـا" وكلمة "أَنزَلنـاهُ ")

2.   ماذا نزّلوا (توضيح للضمير المتصل  " هُ " في كلمة " أَنزَلنـاهُ ")

وكلمة " أَنزَلنـاهُ " مُبينة بالـ " المَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيها بِإِّذنِ رَبِّهِم "

والكلمات " بِإِذنِ رَبِّهِم " تمتد الى الكلمات اللاحقة من الآية  " مِن كُلِّ أَمرٍ" لتعني بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ والذي هو ما أُنزلَ، أي القرآن،  بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمر.ٍ 

والآية الخامسة تفسر معنى كلمة " لَيلَـةُ " والتي هي " حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ"

والكلمة " سَلامٌ " تُستخدم مع كلمات الآية الرابعة السابقة وكلمات الآية الخامسة اللاحقة في الأسلوب التالي:

1.   " بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ. سَلامٌ " إنه نفس السلام كما هو موضح في الآية 47 من سورة طه:

2.   السلام يستمر حتى انتهاء الليل: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ 

                          ---------------------------------

ومن هنا وبفضل الله تعالى نتعرف بانه وإن كان الرسول ليس حاضر بيننا، فإننا بإمكاننا إبقاء " ِإِذنِ رَبِّهِم " اي كلام الله القرآن امام اعيننا ومن خلاله نحكم بحقيقة أو عدم حقيقة الكلمات التي نُسِبت إلى الرسول.

 

ومع ذلك فعندما نسمع الرسول يتكلم فإن الأمر بطاعته مطلق وغير مشروط وذلك للأسباب التي بُيّنت سابقا في هذا المقال وأيضا للسبب التالي:

 

إضافة إلى أن الله أعطى الرسل كتاب الله وفهمه، فإن الله أيضا أعطاهم علم اوسع لم يعطِهِ الى العوام من الناس، وكما يقول النبي نوح (عليه السلام) في الاية 62 من سورة الأعراف

" اُبَلّغُِكُمْ رِسالاتِ رَبّي وَاَنْصَحُ لَكُمْ وَاَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ "

فإن هذا العلم يمكن أن يكون من الطبيعة المختلفة المعطاة للرسل. فعلى سبيل المثال:

1.   العلم بالأحداث التي سوف تحدث مستقبلا (الآيات من 65 الى 81 من سورة الكهف)

2.   الواقع الحقيقي للمنافقين الذين يتظاهرون بأنهم مسلمون (الآية 94 من سورة التوبة)

3.   الإستراتيجية الّتي ستُتبنّى في القتال (الآية 152 من سورة آل عمران)

4.   الأمور الأخرى ذات الأهمية المحدودة كتلك التي تتعلق بالعائلة (الآية 3 من سورة التحريم)

 

لقد درسنا في هذا المقال عن مسؤوليتنا ومجالنا في طاعة رسول الله. وفي المقال القادم إن شاء الله سندرس على ضوء القرآن عن المسؤولية التي اُعطِيت الى الرسل وكيف هم أدوها.

 

فهرست

الصفحة التاليه